للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالقها {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (١)، إن الذي سوى النفس فألهمها فجورها وتقواها لهو أعلم بما يصلحها ويسلك بها سبيل التقوى، أفترى هؤلاء اللاهثين وراء سراب التقدم والحرية أعلم بالبرية من بارئها؟ لا والله {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (٢)، إن في الإسلام لمنهجا في الحياة فريدا، ومسلكا للسعادة وحيدا، فيه سعادة البشرية جمعاء، وفيه الحل لجميع مشكلاتها ومعضلاتها.

وهنا في هذه الورقات سنستعرض آراء جمع من فقهاء الإسلام المبنية على نصوص الوحيين، في مسألتين مهمتين من مسائل كتاب الطلاق، وهما طلاق المكره، وطلاق الغضبان، حيث سنستعرض أقوالهم وأدلتهم، وما نوقشت به، مستخرجين الرأي الراجح من اجتهاداتهم، والحق أنني قد توقفت كثيرا عندما نظرت في أدلة كل قول خاصة في المسألة الثانية عندما تتكافأ الأدلة وتتوارد المناقشات على كل قول، حتى اطلعت على عبارة من العبارات الفذة التي سطرتها يراع العلامة النحرير، شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - رحمه الله - في (الاختيارات الفقهية) حيث قال: (وأكثر من تميز في العلم من المتوسطين إذا نظر وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن ونظر تام ترجح عنده أحدهما، لكن قد لا يثق بنظره بل يحتمل أن عنده ما


(١) سورة الملك الآية ١٤
(٢) سورة النساء الآية ٢٧