للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استنادا إلى حديث أبي هريرة وغيره مما تلقته الأمة بالقبول من أن «ثلاثا جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والعتاق (١)». فإن كلا من الهازل والحالف بالطلاق قد عمد قلبه إلى ذكر الطلاق وإن لم يقصده فلا وجه للتفريق بينهما بإيقاعه على الهازل به وعدم إيقاعه على الحالف به.

٣ - لقوله تعالى {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} (٢) ووجه الاستدلال بها أن الملاعن يقصد بهذا الشرط التصديق ومع ذلك فهو موجب اللعنة والغضب على تقدير الكذب.

٤ - إن هذا التعليق وإن قصد به المنع فالطلاق مقصود به على تقدير الوقوع ولذلك أقامه الزوج مانعا له من وقوع الفعل ولولا ذلك لما امتنع.

٥ - إن القول بوقوع الطلاق عند حصول الشرط المعلق عليه قول جماهير أهل العلم وأئمتهم فهو قول الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وهو المشهور في مذاهبهم قال تقي الدين السبكي في رسالته الدرة المضيئة: وقد نقل إجماع الأمة على ذلك أئمة لا يرتاب في قولهم ولا يتوقف في صحة نقلهم فمن ذلك الإمام الشافعي - رضي الله عنه - وناهيك به. وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد وهو من أئمة الاجتهاد كالشافعي وأحمد وغيرهما، وكذلك نقله أبو ثور وهو من الأئمة أيضا وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطبري وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة، وكذلك نقل الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه التمهيد والاستذكار وبسط القول فيه على وجه لم يبق لقائل مقالا ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب المقدمات له، ونقله الإمام الباجي في المنتقى - إلى أن قال: وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق وهذا مستقر بين الأئمة والإمام أحمد أكثرهم نصا عليها فإنه نص على وقوع الطلاق، ونص على أن يمين الطلاق والعتاق ليست من الأيمان التي تكفر ولا تدخلها الكفارة. اهـ.

وقد أجاب من يرى خلاف ذلك عما ذكره السبكي - رحمه الله - من الإجماع بأنه خاص فيما إذا- قصد وقوع الطلاق بوقوع الشرط.

وفي القواعد النورانية لشيخ الإسلام ابن تيمية ما نصه:


(١) سنن الترمذي الطلاق (١١٨٤)، سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٤)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٣٩).
(٢) سورة النور الآية ٧