للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من رواية غير هؤلاء، ولفظ حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم «طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن (١)» رواه البخاري ومسلم، وفي حديث «طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الركن بمحجنه لأن يراه الناس وليشرف فيسألوه فإن الناس غشوه (٢)» رواه مسلم. وعن عائشة قالت «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعير يستلم الركن كراهة أن يضرب عنه الناس (٣)» رواه مسلم.

وأما الأحكام

فقال أصحابنا الأفضل أن يطوف ماشيا ولا يركب إلا لعذر مرض أو نحوه أو كان ممن يحتاج الناس إلى ظهوره ليستفتى ويقتدى بفعله فإن طاف راكبا بلا عذر جاز بلا كراهية لكنه خالف الأولى كذا قاله جمهور أصحابنا - إلى أن قال - " فرع " قد ذكرنا مذهبنا في طواف الراكب، ونقل الماوردي إجماع العلماء على أن طواف الماشي أولى من طواف الراكب. اهـ (٤). وقال أيضا: أما سنن الطواف وآدابه فثمان، أحدها -: أن يطوف ماشيا فإن طاف راكبا لعذر يشق معه الطواف ماشيا أو طاف راكبا ليظهر ويستفتى ويقتدى بفعله جاز ولا كراهة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا في بعض أطوافه وهو طواف الزيارة ولو طاف راكبا بلا عذر جاز. اهـ. .

وقال ابن حجر الهيثمي في حاشيته على الشرح قوله: وهو طواف الزيارة أما ما أشار إليه من ركوبه صلى الله عليه وسلم فيه أنما كان ليظهر فيستفتى هذا ما رواه مسلم.

قال السبكي وهذا أصح من رواية من روى أنه طاف راكبا لمرض أشار بذلك إلى ما رواه أبو داود على أن في إسناده من لا يحتج به، وقال البيهقي في حديثه لفظة لم يوافق عليها وهي قوله «وهو يشتكي (٥)». ومن ثمة قال الشافعي لا أعلم أنه صلى الله عليه وسلم فعله ماشيا، وخبر مسلم «أنه طاف في حجة الوداع راكبا على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة (٦)» لا ينافي ذلك وإن كان سعيه في تلك الحجة إنما كان مرة واحدة وعقب طواف القدوم لأن الواو لا تقتضي ترتيبا. اهـ (٧). وقال في الإيضاح أيضا: ويجوز الطواف في أخريات المسجد وفي أروقته وعند بابه من داخله وعلى أسطحته ولا خلاف في شيء من هذا لكن قال بعض أصحابنا يشترط في صحة الطواف أن يكون البيت أرفع بناء من السطح كما هو اليوم حتى لو رفع سقف المسجد فصار سطحه أعلى من البيت لم يصح الطواف على هذا السطح وأنكره عليه الإمام أبو القاسم الرافعي. اهـ (٨).


(١) صحيح البخاري الحج (١٦٠٨)، صحيح مسلم الحج (١٢٧٢)، سنن النسائي المساجد (٧١٣)، سنن أبو داود المناسك (١٨٧٧)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٤٨).
(٢) صحيح مسلم كتاب الحج (١٢٧٣)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٩٧٥)، سنن أبو داود المناسك (١٨٨٠).
(٣) صحيح مسلم الحج (١٢٧٤)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٩٢٨).
(٤) المهذب مع شرحه المجموج للنووي ج٨ ص٢٩ - ٣٠.
(٥) سنن أبو داود المناسك (١٨٨١).
(٦) صحيح مسلم الحج (١٢٧٣)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٩٧٥)، سنن أبو داود المناسك (١٨٨٠).
(٧) متن الإيضاح في مناسك الحج للنووي مع شرحه لابن حجر الهيثمي ج١١ ص٢٥٥.
(٨) الإيضاح للنووي ج١ ص٢٣٩ مع شرحه للهيثمي.