للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: كثرة الأولاد الذي يتم بهم بناء الأسرة، وتقوى بهم الأمة، ويتحقق التعاون بينهم - لعمارة الأرض، ولذا عد الله سبحانه الذرية نعمة منه على الناس تستوجب منهم أن يشكروه ولا يكفروه، وأن يتقوه؛ رجاء رحمته، وخوف عذابه، وأن يصلوا أرحامهم؛ أداء لحق القرابة، وتقوية لأواصرها حتى يكونوا عباد الله إخوانا متحابين، قال الله تعالى في بيان كمال قدرته وعظيم منته على عباده {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (١).

ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن التبتل، وأمر بالزواج، وحبب إلى الرجال التزوج بالودود الولود خاصة، تحقيقا لرغبته في المباهاة بأمته يوم القيامة، فعن أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة (٢)» رواه الإمام أحمد، وأخرجه ابن حبان وصححه. وعن عبد الله بن عمر أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «انكحوا أمهات الأولاد، فإني أباهي بكم يوم القيامة (٣)» رواه الإمام أحمد، وأشار إليه الترمذي في جامعه، وقال. . في مجمع الزوائد: فيه جرير بن عبد الله العامري، وقد وثق وهو ضعيف، وعن معقل بن يسار قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد، فأتزوجها؟ قال: " لا " ثم أتاه الثانية " فنهاه " ثم أتاه الثالثة فقال: " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم (٤)» رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم، وفي الباب أحاديث كثيرة وفي بعضها ضعف، لكن مجموعها يدل على المقصود من الترغيب في النكاح وخاصة نكاح الولود، وقد بين الغزالي مقاصد النكاح وفوائده فقال: إن النكاح معين على الدين، ومهين للشياطين، وحصن دون عدو الله حصين، وسبب للتكثير الذي به مباهاة سيد المرسلين لسائر النبيين، فما أحراه بأن تتحرى أسبابه، وتشرح مقاصده وآدابه. ثم قال: في الزواج فوائد خمسة: الولد، وكسر الشهوة، وتدبير المنزل، وكثرة العشيرة، ومجاهدة النفس بالقيام بهن. . ثم ذكر أنه إذا قصد بالزواج- التناسل كان قربة يؤجر عليها من حسنت نيته. وبين ذلك بوجوه:


(١) سورة النساء الآية ١
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٥٨).
(٣) مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٧٢).
(٤) سنن النسائي النكاح (٣٢٢٧)، سنن أبو داود النكاح (٢٠٥٠).