للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعث بالشريعة السمحة التي أساسها اليسر بالخلق، ورفع الحرج عنهم، وغايتها تحقيق مصالحهم والعدل بينهم، وعلى آله وصحبه الذين خلفوه في حراسة شريعته، وهداية أمته، فكانوا نورا بدد ظلمات الجهالة، فأرشدوا البشرية، وقرروا الحق للناس قاطبة.

وبعد: فإن دراسة كتاب الله تعالى والعيش في رحابه نعمة لأولي الألباب الذين يعرفون أن الدنيا دار ممر، وليست دار مقر، وأن هذا الإنسان استخلفه الله على أرضه ليتخذ من شريعته منهجا ودليلا يرشده إذا ضل، ويعلمه إذا جهل، ويأخذ بيده في مزالق الطرق، ومتاهات الفيافي والقفار.

ولكن الإنسان عرضة لوسوسة الشيطان، ومجالا لرمي سهامه، مصداقا لقوله الذي قصه رب العزة: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (١) {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (٢) {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} (٣) {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (٤) فإذا استجاب الإنسان لهذه الغواية، واتبع سبيل الضلال ألقى به الشيطان في بحر تتلاطم أمواجه، والظلام يحيط به من كل جانب عندها يحس بالندم، ويأخذ الهم بمجامع قلبه فيتخبط


(١) سورة الحجر الآية ٣٩
(٢) سورة الحجر الآية ٤٠
(٣) سورة الحجر الآية ٤١
(٤) سورة الحجر الآية ٤٢