للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمنة ويسرة، ويأخذ في الإقدام والإحجام، ويقرر الفرار إلى ربه والهجرة إلى مولاه، لقوله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} (١) فيضيء قلبه، وتهدأ نفسه ويتذكر قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (٢) فيسهل الله له طريق التوبة، يرشده إليها، عندها يسلك طريق الصلاح والخير فيعود إلى ربه نادما، ويتقدم إليه تائبا، ويتحقق فيه وفي غيره من التائبين قوله تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} (٣) ولكن متى تكون التوبة صادقة؟ ومتى يتقبل الله توبة العبد؟ إن الله تعالى يقول في محكم كتابه: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (٤).

فهل تكون التوبة صادقة، وصاحبها لم يزل في اتباع الهوى؟ هل تكون التوبة صادقة، وحالة العبد متأرجحة بين الضلال والهدى، ونفسيته تواقة إلى الإيمان، ومشتاقة إلى فعل المنكرات؟ كما ذكر الله عن ذلك بقوله: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (٥) هل تكون التوبة صادقة ونصوحة، وقد ولى شبابه، وذهبت أيامه وضاعت قوته، وأصبح شيخا فانيا، لا حول له ولا طول، وليست عنده رغبة يرغبها أو شهوة يريدها؟

إن التوبة تكون صادقة كما قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٦)


(١) سورة الذاريات الآية ٥٠
(٢) سورة الزمر الآية ٥٣
(٣) سورة التوبة الآية ١١٨
(٤) سورة المائدة الآية ٢٧
(٥) سورة النساء الآية ١٤٣
(٦) سورة النساء الآية ١٧