للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: آمنوا بأن الله تعالى يقبل التوبة (١).

فإذا اتجهنا إلى مفسر قريب العهد بابن الجوزي، وهو الإمام القرطبي، نراه يفرع هذه المسألة، ويستعرض أقوال العلماء والفرق الذين أدلوا بدلوهم في اقتران التوبة بالإيمان، فنراه يقول عند حديثه عن قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٢) {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٣). "هذه الآية عامة لكل من عمل ذنبا، وقيل: لمن جهل فقط، والتوبة لكل من عمل ذنبا في موضع آخر، واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} (٤).

وتصح من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب، ولا فرق بين معصية ومعصية، هذا مذهب أهل السنة.

وإذا تاب العبد فالله سبحانه بالخيار إن شاء قبلها، وإن لم يشأ لم يقبلها، وليس قبوله التوبة واجبا على الله من طريق العقل


(١) راجع زاد المسير، ٣/ ٢٦٦
(٢) سورة النساء الآية ١٧
(٣) سورة النساء الآية ١٨
(٤) سورة النور الآية ٣١