للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال المخالف؛ لأن من شرط الواجب أن يكون أعلى رتبة من الموجب عليه، والحق سبحانه خالق الخلق ومالكهم والمكلف لهم؛ فلا يصح أن يوصف بوجوب شيء عليه، تعالى الله عن ذلك، غير أنه قد أخبر سبحانه -وهو الصادق في وعده- بأنه يقبل التوبة عن العاصين من عباده بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} (١). وقوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (٢). وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (٣).

فإخباره سبحانه وتعالى عن أشياء أوجبها على نفسه، يقتضي وجوب هذه الأشياء، والعقيدة أنه لا يجب عليه شيء عقلا، فأما السمع فظاهره قبول توبة التائب، قال أبو المعالي وغيره: وهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن، لا قطعا على الله تعالى بقبول التوبة.

قال ابن عطية: وقد خولف أبو المعالي وغيره في هذا المعنى، فإذا فرضنا رجلا قد تاب توبة نصوحا، تامة الشروط،


(١) سورة الشورى الآية ٢٥
(٢) سورة التوبة الآية ١٠٤
(٣) سورة طه الآية ٨٢