للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال أبو المعالي: يغلب على الظن قبول توبته، وقال غيره: يقطع على الله تعالى بقبول توبته، كما أخبر عن نفسه جل وعز، قال ابن عطية: وكان أبي -رحمه الله- يميل إلى هذا القول، ويرجحه، وبه أقول، والله أرحم بعباده من أن ينخرم في هذا التائب المفروض معنى قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (١).

وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (٢).

وإذا تقرر هذا فاعلم أن في قوله: (على الله) حذفا، وليس على ظاهره، وإنما المعنى: على فضل الله ورحمته بعباده، وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «أتدري ما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أن يدخلهم الجنة (٣)».

فهذا كله معناه على فضله ورحمته بوعده الحق، وقوله الصدق، دليله قوله تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (٤) أي: وعد بها، أي أنه وعد، ولا خلف في وعده أنه يقبل التوبة إذا كانت بشروطها المصححة لها. . " (٥). هذا ما قاله القرطبي عن التوبة واقترانها بحقيقة الإيمان، ثم تناول شروط التوبة -التي


(١) سورة الشورى الآية ٢٥
(٢) سورة طه الآية ٨٢
(٣) هذا جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في اللباس ١٠١ والتوحيد ١، ومسلم في الإيمان ٤٨، ٤٩، والترمذي في الإيمان ١٨، وابن ماجه في الزهد ٣٥ باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة
(٤) سورة الأنعام الآية ١٢
(٥) راجع تفسير القرطبي ٥/ ٩٠ وما بعدها بتصرف