للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبق الحديث عنها- ومضيفا لها أن يكون الإقلاع عن الذنب أو الجرم حياء من الله تعالى، وخوفا من عقابه، لا لشيء آخر، كالعجز أو عدم الرغبة، أو قلة الحيلة التي يمكن أن تحقق له أهدافه في المعصية أو الجريمة التي تتوق نفسه لارتكابها.

ويطيب لي أن أختم موضوع اقتران التوبة بالإيمان بما قرره أحد العلماء المعاصرين، وهو العالم الجليل ابن عاشور -رحمه الله- صاحب التفسير المشهور، ولا شك أنه أضاف جديدا إلى ما توصل إليه السابقون من علماء الإسلام الأجلاء، فهو يقول: " اعتراض بأنهم إن تابوا وآمنوا يغفر الله لهم على عادة القرآن من تعقيب التهديد بالترغيب، والمغفرة ترجع إلى عدم مؤاخذتهم بذنوبهم في عقاب الآخرة وإلى ارتفاع غضب الله عنهم في المستقبل.

والمراد بالسيئات: ما يشمل الكفر، وهو أعظم السيئات، والتوبة منه وهي الإيمان، وعطف الإيمان على التوبة، مع أن التوبة تشمله من حيث إن الإيمان توبة من الكفر، إما للاهتمام به لأنه أصل الاعتداد بالأعمال الصالحة عند الله تعالى كقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} (١) {فَكُّ رَقَبَةٍ} (٢) {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} (٣) {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} (٤) {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (٥) {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} (٦).

ولئلا يظن أن الإشراك لخطورته لا تنجي منه التوبة، وإما أن يراد بالإيمان، إيمان خالص فيشمل عمل الواجبات " (٧).


(١) سورة البلد الآية ١٢
(٢) سورة البلد الآية ١٣
(٣) سورة البلد الآية ١٤
(٤) سورة البلد الآية ١٥
(٥) سورة البلد الآية ١٦
(٦) سورة البلد الآية ١٧
(٧) راجع تفسير ابن عاشور، ٩/ ١٢٠