للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرأى أصحاب الرسول من جلده ونشاطه في الاكتساب والارتزاق ما حملهم على الكلام فيه، قالوا: يا رسول الله لو كان في سبيل الله هذا؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفخرة فهو في سبيل الشيطان (١)».

ومن هنا جاءت التوبة مرتبطة بالعمل الصالح في كثير من آيات القرآن الكريم؛ من ذلك قوله الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٢).

فإذا أردنا أن نتعرف على أقوال المفسرين في هذه الآية، نرى الإمام الطبري يستهل حديثه عن هذه الآية بقوله: " إلا من أناب من كتمانه ذلك منهم، وراجع التوبة بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، والإقرار به وبنبوته، وتصديقه فيما جاء به من عند الله، وبيان ما أنزل الله في كتبه التي أنزل إلى أنبيائه، من الأمر باتباعه، وأصلح حال نفسه بالتقرب إلى الله من صالح الأعمال بما يرضيه عنه، وبين الذي علم من وحي الله الذي أنزله إلى أنبيائه، وعهد إليهم


(١) الحديث أخرجه مسلم في الزكاة ٣٨، والترمذي في البر ٤٢، وأحمد بن حنبل في المسند ٥/ ٢٨٤
(٢) سورة البقرة الآية ١٦٠