للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجتمع الإسلامي، وأن أمرهم إلى بوار، وكيدهم إلى ضلال، وأموالهم التي ينفقونها للصد عن سبيل الله ستكون عليهم حسرة وندامة، كما قال تعالى: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} (١).

رابعا: قال الله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢).

قال ابن عاشور في تفسيره: " أي: من تاب من السارقين من بعد السرقة تاب الله عليه، أي: قبلت توبته، وليس في الآية ما يدل على إسقاط عقوبة السرقة عن السارق إن تاب قبل عقابه؛ لأن ظاهر [تاب- وتاب الله عليه، أنه فيما بين العبد وبين ربه في جزاء الآخرة، فقوله: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} (٣) ترغيب لهؤلاء العصاة في التوبة، وبشارة لهم، ولا دليل في الآية على إبطاله حكم العقوبة في بعض الأحوال، كما في آية المحاربين، فلذلك قال جمهور العلماء: توبة السارق لا تسقط القطع، ولو جاء تائبا قبل القدرة عليه، ويدلك لصحة قولهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد المخزومية، ولا شك أنها تائبة " (٤). وقال في ذلك لأسامة بن زيد: «أتشفع في حد من حدود الله، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها (٥)»


(١) سورة الأنفال الآية ٣٦
(٢) سورة المائدة الآية ٣٩
(٣) سورة المائدة الآية ٣٩
(٤) تفسير ابن عاشور، ٦، ٧: ١٩٣.
(٥) أخرجه البخاري في الأنبياء، ٤/ ٢١٣، باب حدثنا أبو اليمان .. إلخ، وفي الحدود ٨/ ٩ باب كراهة الشفاعة في الحد، ومسلم في الحدود حديث ١٦٨٨ باب قطع السارق الشريف وغيره، والترمذي في الحدود حديث ٢٥٤٧ باب الشفاعة في الحدود، والنسائي في قطع السرقة حديث ٤٩٠٥، وأبو داود في الحدود ٤ باب في الحد يشفع فيه حديث ٤٣٧٣.