للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرافق حياتها، وكثيرا ما وجدنا بيوتا قد فتحت على أيدي الأولاد، وعمها الخير والرخاء، وكثيرا ما شاهدنا العلماء من أبناء الفقراء والطبقات المتوسطة، وأنهم نهضوا بأممهم وقاموا بمصالحهم وكانوا ملاك سعادتها وزهرة حياتها، وعنوان مجدها، فإن تخلف شيء من ذلك فهو من الفوضى والإهمال والتفريط لا من زيادة التناسل، ومن المعروف أن النهوض وليد الطموح ويقظة النفس وشعورها بالحاجة، وأن الفساد والهبوط وليد الدعة وتبلد النفس وعدم الإحساس بالحاجة وقد يكون ذلك مع الغني كما يكون مع الفقير وإذا فليست المشكلة من كثرة التناسل وزيادة الأولاد حتى يسعى في حلها بتحديد النسل أو منع الحمل.

الرابع: زعموا أن تحديد النسل أو منع الحمل يحفظ للمرأة صحتها وجمالها، وأن تتابع الحمل والولادة وما يتبع ذلك من رعايتها لأولادها وقيامها بشئونهم ورعايتها لهم وسهرها على مصالحهم يهدم كيانها ويذهب قواها وجمالها، ويهدد حياتها الزوجية، فقد يزهد فيها زوجها فيطلقها أو ينصرف عنها إلى غيرها لسوء حالها واشتغالها عنه بأولادها.

المناقشة.

أ- إن هذه الشبهة إنما يتشدق بها ويروج لها من طغت عليه شهوته الحيوانية، وانحرفت فطرته الإنسانية فلا هم له إلا الاستمتاع بزوجته وقضاء وطره منها ويفر من تكاليف الذرية وتحمل أعبائها، استجابة لدواعي الشهوة البهيمية، وإيثارا لجانب اللذائذ الحيوانية التي لا تعدل في نفس من سلمت فطرته من الناس أو تقارب إرواء عاطفة الأبوة والأمومة الكامنة في أعماق النفوس وحياة القلوب.

ب- إن عزل المرأة عن وظيفة الحمل والولادة التي هي من أجل ما خلقها الله لها يحدث فيها كبتا ويولد فيها عقدا نفسية، ويورثها بؤسا وكآبة تذهب بجمالها وحسن رونقها، وإذا استعملت لمنع الحمل أو إسقاطه العقاقير وأمثالها زادها ذلك هما وضاعف آفاتها ومضارها. ولا شك أن هذا الخطر يزيد على ما يذكره دعاة تحديد النسل في شبهتهم من المضار الناشئة عن كثرة الحمل والولادة - مع ما في زيادة التناسل من النماء في الإنتاج وزيادة وسائل المعيشة والنفع الخاص بالأسرة والعام للأمة، فأي الأمرين أحق بالحرص عليه والدعوة إليه قال الدكتور " الكسيس كارل " في كتابه " الإنسان ذلك المجهول " إنه حتى هذه الأيام لم ينضج فكر الإنسان ولم يشعر على الوجه التام بما لوظيفة التوليد من الأهمية في حياة المرأة، إن قيام المرأة بهذه الوظيفة مما لا مندوحة عنه لكمالها القياسي، فما تحريف النساء عن التوليد ورعاية الطفل إلا حماقة شنيعة لا يقدم عليها عاقل. وقال الدكتور " ازوالد شوارز " أحد علماء النفس في كتابه " نفسية الجنس ": أي شيء يا ترى يدل عليه وجود الغريزة الجنسية في الإنسان؟ ولأي غرض قد وضعت فيه؟ ومن الحقيقة التي لا غبار عليها أن هذه الغريزة إنما هي لإنجاب الذرية وتخليد النسل، إذ من القوانين الثابتة في علم الأحياء أن كل عضو في جسد الإنسان يجب أن يؤدي وظيفته الخاصة المستقلة حتى يحقق بذلك المهمة التي قد أسندت إليه، وعلى هذا إذا منع هذا العضو من أداء وظيفته الخاصة فلا بد أن تتعرض حياة الإنسان لمشاكل مرهقة متعددة، ومما يتعلق بهذا البحث أن جسد المرأة لم يخلق في معظمه إلا لوظيفة الحمل والتوليد فهي إذا منعت أن تعمل لتحقيق هذه الوظيفة الأساسية لنظامها الجسدي والعقلي فلا بد أن