للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التوبة على النبي صلى الله عليه وسلم لأجل إذنه للمنافقين في القعود، دليله قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (١) وعلى المؤمنين من ميل قلوب بعضهم إلى التخلف عنه، وقيل: توبة الله عليهم استنقاذهم من شدة العسرة، وقيل: خلاصهم من نكاية العدو.

وإذا كان هذا حال التوبة مع الرسل والأنبياء وأتباعهم، فنجد أن التاريخ وكتب السير تحفظ لنا الكثير من توبة الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى وقتنا هذا.

من ذلك توبة أبي لبابة التي يقول عنها: «لما أرسلت قريظة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يرسلني إليهم -حين اشتد الحصار عليهم- دعاني رسول الله -عليه السلام- وقال: اذهب إلى حلفائك فإنهم أرسلوا إليك من بين الأوس، قال: فدخلت عليهم - وقد اشتد عليهم الحصار - فهشوا إلي وقالوا: يا أبا لبابة، نحن مواليك دون الناس جميعا، وسألوني ماذا يريد بهم الرسول؟ فأومأت إلى حلقي -أي الذبح- قال: فندمت واسترجعت وذهبت إلى المسجد وربطت نفسي في سارية حتى مضى علي سبعة أيام لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى قبل الله توبتي وبشرت بذلك، وجاء الرسول -عليه السلام- وحل وثاقي من السارية، فقلت له: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال: يجزئك الثلث يا أبا لبابة (٢)». .


(١) سورة التوبة الآية ٤٣
(٢) راجع الاستيعاب، ٤/ ١٦٧، ١٦٨ بتصرف.