للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، فإنه حي في ذاكرة كل من عرفه بأعماله وحكمته، ولذا فإن البحث، والحديث مع عارفيه، يجعلني أتقاصر الجهد الذي يبذل في التعريف بسيرة حياته؟ لأنه موطن خصب للدراسة، ومنبع ثر لمن يعرف بالجوانب العديدة في حياته، وكل جانب يستحق الدراسة المتأنية: فالشيخ محمد في علمه، والشيخ في أسلوبه في التعليم، والشيخ في تشجيعه للعلم، والشيخ في بعد نظره، والشيخ في حكمته وزهده، والشيخ في صبره وجلده، والشيخ في حكمته ومعالجته للأمور، والشيخ في جرأته وفتاواه، كل هذه جوانب تستحق الإفراد بدراسة مستقلة، ليظهر من ذلك مكانة هذا الرجل، وما كان يؤدي من أعمال، والثغور التي كان يسد.

وما سوف أقدم في هذه العجالة، ما هو إلا جهد المقل المحكوم بزمن معين، وحجم محدود، سأسهم به مع المترجمين لحياته، لما له من مكانة في الأنفاس، وذكرى طيبة يرددها كل من عرفه، أو سمع عنه، إلى جانب الآثار التي خلدتها أعماله.

وسأكون في هذا عالة على من سبقني في الحديث عنه، حيث وضعوا الصوى على الطريق، إلا أن أمثاله من العلماء الأفذاذ لهم حق على عارفيهم بتجديد الحديث عنهم؛ لما لهم من حق على عارفيهم، ولما لهم من سابقة، وبما يمتازون به من قدم راسخة وشجاعة، فالشيخ محمد -رحمه الله- مع تواضعه له هيبة، ومع ما أحفه الله من مكانة فإنه يبذل جاهه، ولا يبخل بمساعدته للمحتاج، ومع علمه ومكانته، يمتاز بالتبسط والمزاح مع الإنسان العادي، ولا يضن بالتفقد لحال الضعيف.