الثانية: له أن يوكل في صرف الزكاة التي له تفريقها بنفسه، فإن شاء وكل في الدفع إلى الإمام والساعي، وإن شاء في التفرقة على الأصناف، وكلاهما جائز بلا خلاف، وإنما جاز التوكيل في ذلك مع أنها عبادة؛ لأنها تشبه قضاء الديون، ولأنه قد تدعو الحاجة إلى الوكالة لغيبة المال وغير ذلك.
الثالثة: له صرفها إلى الإمام والساعي، فإن كان الإمام عادلا أجزأه الدفع إليه بالإجماع، وإن كان جائرا أجزأه، على المذهب الصحيح المشهور، ونص عليه الشافعي، وقطع به الجمهور، وفيه الوجه السابق عن الحناطي والماوردي.
الرابعة: في بيان الأفضل، قال أصحابنا: تفريقه بنفسه أفضل من التوكيل بلا خلاف؛ لأنه على ثقة من تفريقه، بخلاف الوكيل، وعلى تقدير خيانة الوكيل لا يسقط الفرض عن المالك؛ لأن يده كيده، فما لم يصل المال إلى المستحقين لا تبرأ ذمة المالك، بخلاف دفعها إلى الإمام، فإنه بمجرد قبضه تسقط الزكاة عن المالك. قال الماوردي وغيره: وكذا الدفع إلى الإمام أفضل من التوكيل لما ذكرناه، وأما التفريق بنفسه والدفع إلى الإمام ففي الأفضل منهما تفصيل: قال أصحابنا: إن كانت الأموال باطنة، والإمام عادل، ففيها وجهان، أصحهما عند الجمهور: الدفع إلى الإمام أفضل؛ للأحاديث السابقة، ولأنه يتيقن سقوط الفرض به،