للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وداود، ومالك في رواية عنه كما لو وقف على أبي قبيس، وكما لو وقف خارج العرصة واستقبلها، والمذهب الأول والفرق أنه لا يعد هنا مستقبلا بخلاف ما قاس عليه، وهذا الوجه الذي لابن سريج جاز في العرصة والسطح كما ذكرنا كذا نقله عنه إمام الحرمين وصاحب التهذيب وآخرون، وكلام المصنف يوهم أنه لا يقول به في السطح وليس الأمر كذلك. اهـ.

وقال ابن قدامة: ولو صلى على جبل عال يخرج من مسامتة الكعبة صحت صلاته، وكذلك لو صلى في مكان ينزل عن مسامتتها لأن الواجب استقبالها وما يسامتها من فوقها وتحتها بدليل ما لو زالت الكعبة - والعياذ بالله - صحت الصلاة إلى موضع جدارها. اهـ (١).

وقال البهوتي: ولا يضر علو على الكعبة كما لو صلى على أبي قبيس، ولا نزوله عنها كما لو صلى في حفيرة تنزل عن مسامتتها لأن العبرة بالبقعة لا بالجدران. اهـ (٢). مما تقدم يتبين أن من صلى على مكان مرتفع عن سطح الكعبة مستقبلا ما فوق سطحها من هواء صحت صلاته إجماعا. كمن صلى فوق جبل أبي قبيس أو في بلاد سطح أرضها أعلى من سطح الكعبة، ومن صلى الفريضة فوق الكعبة مستقبلا ما أمامه من هوائها أو مستقبلا سترة بين يديه ففي صحة صلاته خلاف، بناء على الاكتفاء باستقبال جزء من بناء الكعبة أو جزء من هوائها في صحة الصلاة، وعدم الاكتفاء بذلك بل لا بد من شاخص أو استقبال جملة البناء أو جملة الهواء أما من على سطحها أو في جوفها فيقال فيه أنه مستدير الكعبة أو هواءها باعتبار كما يقال أنه مستقبل باعتبار آخر فلم يتحقق فيه شرط الاستقبال بإطلاق، فلا تصح صلاته. ومن صلى على طرفها وجعل هواءها وراءه بطلت صلاته لأنه لم يستقبل شيئا من بنائها ولا من هوائها، وعلى هذا يمكن أن يقال: إذا كان استقبال ما فوق الكعبة من هواء في الصلاة كاستقبال بنائها فالسعي فوق سقف المسعى في حكم السعي على أرض المسعى.


(١) المغني مع الشرح الكبير ج١ ص٤٦٣.
(٢) متن الإقناع مع شرح كشاف القناع ج٢ ص٧٩.