وكان من هؤلاء (ابن تيمية) الذي كتب كثيرا في نقد المنطق ونقضه: لقد كتب في ذلك كتبا وكتب في ذلك فقرات منثورة هنا وهناك في خلال كتبه الكثيرة وفتاواه المستفيضة.
وممن كتب في نقد المنطق ونقضه: ابن حزم.
والمحدثون جميعا لا يجد المنطق عندهم ترحابا ولا قبولا.
وقد كتبنا نحن ننبه على أن المنطق لا يحسم خلافا ولا يفصل حقا عن باطل. ومما كتبناه في المنهج الحديث والمنهج الأرسطي ما يلي:
إن المقاييس هي:
أ- الاستقراء
ب- القياس
أما الاستقراء - وهو أساس المفهومات العامة والقضايا الكلية - فإنه:
١ - مبني كله على الحس: إنه استقراء محسات: إنه تتبع جزئيات، لا تخرج عن نطاق الواقع، أما المساتير فهو بريء منها كل البراءة، لأنها لا تدخل في دائرة اختصاصه: فهو عاجز عن أن يخترق الحجب ليصل إلى ما وراء الطبيعة.
٢ - ثم إن الاستقراء: تام، وناقص. والتام - كما يعترف المناطقة - لا غناء فيه ولا فائدة.
أما الناقص- وهو المهم في نظرهم فإنه - في رأيهم أيضا - ظني، وهو - لذلك - عرضة للتغيير، في كل آونة.
" كل معدن يتمدد بالحرارة" تلك قضية من قضايا الاستقراء، إنها قضية عامة شاملة ولكن المعادن لم تنكشف بعد بأكملها.
ومن الجائز أن يكتشف في الغد معدن لا يتمدد بالحرارة، إنها إذن، قضية مؤقتة ظنية، تتبرأ من اليقين الفلسفي.
" والعلم المادي كما يقول أحد المفكرين- لا يعرف الكلمة الأخيرة في مسألة من مسائله- وإنما حقائقه كلها إضافية موقوتة. لها قيمتها. حتى يتكشف البحث عما يزيل هذه القيمة أو يغيرها ".