للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١ - خاصة بالطبيعة، ولا شأن لها بما وراءها.

٢ - ظنية، لا تعرف اليقين.

أما القياس:

١ - فإنه مبني على الاستقراء، إذ هو منطو دائما على كلية، كلية استقرائية، وما دامت قضايا الاستقراء ظنية- كما رأينا - وميدانها المحسات، فنتائج القياس ظنية كذلك، وميدانها المحسات.

٢ - إن المناطقة لا يشترطون في مقدمات القياس، أن تكون مسلمة صادقة في نفسها، وإنما يشترطون أن يسلمها المتجادلون فحسب، وقد تكون - كما يقول صاحب البصائر النصيرية: منكرة كاذبة في نفسها، وفي هذه الحالة يكون القياس صحيحا ونتيجته باطلة.

وإذا كان الأمر كذلك فما فائدة القياس الأرسطي؟ ما قيمته إذا كان لا يعول فيه إلا على أن تكون المقدمات مستوفية لشروط الإنتاج بحيث تستلزم النتيجة وإن لم تطابق النتيجة الواقع؟

ما قيمته إذا كان لا يحفل بصدق النتيجة أو كذبها؟

إنك إذا قلت: الكثير من العلم يؤدي إلى الاستقلال الفردي، وكل ما يؤدي إلى الاستقلال الفردي مضر بالمجتمع، فالكثير من العلم مضر بالمجتمع، كان هذا قياسا صحيحا في نظر المناطقة الأرسطيين.

وإذا قلت: الكثير من العلم يؤدي إلى التماسك الاجتماعي، وكل ما يؤدي إلى التماسك الاجتماعي مفيد للمجتمع، فالكثير من العلم مفيد للمجتمع، كان هذا أيضا قياسا صحيحا عند المناطقة، ومع ذلك فالنتيجتان متعارضتان.

٣ - ومع كل هذا فالقياس استدلال دوري فاسد، ذلك أن العلم بالنتيجة في نحو قولنا: محمد إنسان، وكل إنسان ناطق، فمحمد ناطق" متوقف على العلم بالكبرى، والعلم بالكبرى متوقف على العلم بالنتيجة، لأنك لا تستطيع أن تحكم بالناطقية على جميع أفراد النوع الإنساني، إلا إذا تأكدت من ثبوت الناطقية لمحمد، ولو كنت في شك من ذلك، لما استطعت تعميم الحكم على جميع أفراد الإنسان، وإذن تكون النتيجة متوقفة على الكبرى وتكون الكبرى متوقفة على النتيجة، وعلى ذلك يكون القياس: استدلالا دوريا فاسدا، فلا يعول عليه.

٤ - وأخيرا، فالمفروض: أن نتيجة القياس جديدة كل الجدة، إنها استنتاج مجهول هو النتيجة - من معلوم، هو المقدمات.