للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن النتيجة متضمنة في المقدمات، إنها ليست مجهولة، والقياس إذن لا يؤدي إلى معرفة جديدة، أو إلى استنتاج مجهول من معلوم، إنه- إذا أردت الدقة- استنتاج معلوم من. . معلوم.

تلك هي موازين العقل- وهي موازين لا غناء فيها ولا جدوى منها فيما يتعلق بالإلهيات. العقل إذن قاصر فيما يتعلق بالأخلاق. وهو قاصر على الخصوص فيما يتعلق بالإلهيات.

ومن هنا كانت الحكمة في نزول الأديان.

ومن هنا كان السبب في اقتصارها على الأخلاق والإلهيات.

وإذا كانت قد تحدثت في التشريع فإن التشريع داخل في نطاق الأخلاق.

أخفق إذن منطق أرسطو. واستمر الاختلاف بين الفلاسفة كما كان من قبل. واستمر الخلاف حتى بين المناطقة الأرسطيين: الكبار منهم والمغمورين، بل حدث الاختلاف بين تلاميذ أرسطو نفسه، وهم أتباع مدرسة واحدة هي المدرسة الأرسطية.

ومرت العصور، وتوالت القرون، وجاء (ديكارت)، وبدأ (ديكارت) يتفلسف على استحياء وعلى حذر بالغ، فما كان جو زعماء المسيحية في الغرب إذ ذاك يوحي بالاطمئنان أو السكينة، لقد كان جوا رهيبا يأخذ على الظنة وينكل على الشبهة، لا يتحرى عدالة ولا يستشعر رحمة.

وأخذ (ديكارت) يتحسس طريقه في حيطة بالغة: مداريا، مجاملا، مادحا، متواضعا. .

وذات يوم أعلن أنه عثر على المنهج المعصوم.

وأنه على أساس من هذا المنهج سيقود الإنسانية إلى الحق. .

ورأى أن هذا المنهج صالح للكشف عن الحق في الكون وفي ما وراء الكون، في الطبيعة وفي ما وراء الطبيعة.

ولكن التجربة أظهرت خطأه في أثناء حياته.

وأن الخلاف استمر حول آرائه في الإلهيات، وآراء معاصريه، وآراء من قبله، كما كان الأمر من قبل أن يولد منهجه، وأخفق منهج ديكارت كما أخفق من قبل منهج أرسطو. .

وبقيت الحقيقة التي لا شك فيها، وهي أن الفلسفة لا مقياس لها.

هذه هي السمة الأولى. .