للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الموفق ابن قدامة: " قال الأثرم: قلت لأحمد: قال سليمان بن حرب: إنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التطوع لأنه كان إماما.

قال أحمد: فالذين رووا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتطوعوا. ثم قال: ابن عمر وابن عباس هما راوياه، وأخذا به. يشير- والله أعلم- إلى أن عمل راوي الحديث به تفسير له، وتفسيره يقدم على تفسير غيره، ولو كانت الكراهة للإمام كي لا يشتغل عن الصلاة لاختصت بما قبل الصلاة إن لم يبق بعدها ما يشتغل به " (١).

وقد أجيب عن الاستدلال بهذه الأحاديث بجوابين:

الأول: أن ما استدل به مجرد فعل، والفعل لا يدل على النهي.

قال الحافظ أبو بكر بن المنذر: " وليس في ترك النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي قبلها وبعدها دليل على كراهية الصلاة في ذلك الوقت " (٢).

الثاني: أن الإمام ليس كغيره، لأنه يخرج للصلاة والخطبة، فلا يجلس قبلهما، فلا يصح الاستدلال بفعله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة على ما يتعلق بالمأمومين.

وقد نقل بعضهم الاتفاق على أن الإمام لا يتنفل في المصلى (٣)، بخلاف المأموم فالخلاف فيه مشهور، فهذا يدل على


(١) المغني ٣/ ٢٨٢.
(٢) الأوسط ٤/ ٢٧٠.
(٣) فتح الباري، كتاب العيدين، باب الخطبة بعد العيد ٢/ ٤٧٦.