للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما روى أبو داود وابن ماجه في سننهما عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة ورجل خلفه يستره فسألت عن الرجل فقالوا الفضل بن عباس وازدحم الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا وإذا رأيتم الجمرة فارموا بمثل حصى الحذف (١)» سكت أبو داود عن الحديث وقال المنذري في إسناده يزيد بن أبي زياد (٢).

وقال الشوكاني: قوله على راحلته استدل به على أن رمي الراكب لجمرة العقبة أفضل من رمي الراجل، وبه قالت الشافعية، والحنفية، والناصر، والإمام يحيى، وقال الهادي والقاسم: إن رمي الراجل أفضل. اهـ (٣).

وقال ابن عابدين: وقوله " وجاز الرمي راكبا - إلخ " عبارة الملتقى أخص وهي جاز الرمي راكبا وغير راكب أفضل في جمرة العقبة. انتهى، وفي اللباب، والأفضل أن يرمي جمرة العقبة راكبا وغيرها ماشيا في جميع أيام الرمي - إلى أن قال: والضابط أن كل رمي يقف بعده فإنه يرميه ماشيا وهو كل رمي بعده رمي كما مر ومالا فلا ثم هذا التفصيل قول أبي يوسف وله حكاية مشهورة ذكرها (ط) وغيره وهو مختار كثير من المشايخ كصاحب الهداية والكافي والبدائع وغيرهم، وأما قولهما فذكر في البحر أن الأفضل الركوب في الكل على ما في الحاشية، والمشي في الكل على ما في الظهيرية وقال: فتحصل إن في المسالة ثلاثة أقوال - ثم قال: " قوله ورجحه الكمال " أي بأن أداءها ماشيا أقرب إلى التواضع والخشوع وخصوصا في هذا الزمان فإن عامة المسلمين مشاة في جميع الرمي فلا يؤمن من الأذى بالركوب بينهم - بالزحمة، ورميه عليه السلام راكبا إنما هو ليظهر فعله ليقتدى به كطوافه راكبا. اهـ.

قال في البحر: " ولو قيل بأنه ماشيا أفضل إلا في رمي جمرة العقبة وفي اليوم الأخير لكان له وجه لأنه ذاهب إلى مكة في هذه الساعة كما هو العادة وغالب الناس راكب فلا إيذاء في ركوبه مع تحصيل فضيلة الاتباع له عليه الصلاة والسلام. اهـ (٤). وقال السرخسي: وإن رماها راكبا أجزأه لحديث جابر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم " رمى الجمار راكبا (٥)». اهـ (٦).


(١) سنن أبو داود المناسك (١٩٦٦)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٣١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٧٩).
(٢) مختصر سنن أبي للمنذري ج٢ ص٤١٥.
(٣) نيل الأوطار ج٥ ص٧١.
(٤) رد المحتار على الدر المختار ج١ ص٢٥٤.
(٥) سنن الترمذي الحج (٨٩٩)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٣٤)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٣٢).
(٦) المبسوط ج٤ ص٦٩.