للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا هو معنى العبادة التي أمر الله بها الناس جميعا وخلقهم لها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (١) أمرهم بهذه العبادة التي خلقوا لها وأرسل بها الرسل عليهم الصلاة والسلام قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (٢) ومعنى قوله سبحانه: اعبدوا الله يعني: وحدوا الله وأطيعوا أوامره.

{وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (٣) يعني: اجتنبوا الشرك والمعاصي.

فالله أرسل الرسل جميعا، من أولهم نوح إلى آخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، كلهم أرسلوا ليدعوا الناس لعبادة الله، وأن يوحدوا الله، ويخصوه بالعبادة، وأن يطيعوا أوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند حدوده، ويرجوا ثوابه، ويخشوا عقابه سبحانه وتعالى، بهذا الأمر بعث الله الرسل وبه أرسلوا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان آدم أبونا عليه الصلاة والسلام وذريته على الإسلام عشرة قرون، حتى وقع الشرك في قوم نوح فأرسل الله إليهم نوحا عليه السلام، ودعاهم إلى الله ووجههم إلى الخير، وقص الله لنا قصتهم في مواضع كثيرة يأمرهم بتوحيد الله وطاعته، يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (٤). فلما استكبروا وأصروا على الباطل أخذهم الله


(١) سورة البقرة الآية ٢١
(٢) سورة النحل الآية ٣٦
(٣) سورة النحل الآية ٣٦
(٤) سورة المؤمنون الآية ٢٣