ولذا ميز الأستاذ جورج سارتون النصف الأول من القرن التاسع بعصر الخوارزمي في كتابه مقدمة من تاريخ العلوم " لأن الخوارزمي كان أعظم رياضي في ذلك العصر كما يقول سارتون ويستطرد سارتون " وإذا أخذنا جميع الحالات بعين الاعتبار فإن الخوارزمي أحد أعظم الرياضيين في كل العصور ". وأكد الدكتور أي وايدمان أن أعمال الخوارزمي تتميز بالأصالة والأهمية العظمى وفيها تظهر عبقريته. وقال الدكتور ديفيد بوجين سمث ولويس شارلز كاربينسكي في كتابهما الأعداد الهندية والعربية" بأن الخوارزمي هو الأستاذ الكبير في عصر بغداد الذهبي إذ إنه أحد الكتاب المسلمين الأوائل الذين جمعوا الرياضيات الكلاسيكية من الشرق والغرب، محتفظين بها حتى استفادت منها أوروبا المتيقظة آنذاك. إن لهذا الرجل معرفة كبيرة ويدين له العالم بمعرفتنا الحالية لعلمي الجبر والحساب ".
في بداية الأمر ابتكر الخوارزمي علم حساب " اللوغاريتمات" وعمل لها جداول تعرف باسمه محولا عند الغربيين إلى " اللوغاريتمات" وقد حدثت تغييرات عديدة في اسمه عند الغربيين بعد وفاته حيث ترجم اسمه " الخوارزمي " إلى اللاتينية كـ ( alchwarizmi) و ( al-karismi) و ( algoritmi) و ( algorismi) و ( algorism) و ( algorism) وفي عام ١٨٥٧ ميلادية عثر على كتاب بعنوان ( algoritmi de numero indorum) في مكتبة جامعة كمبردج البريطانية، فأجمع علماء الرياضيات في العالم بأن هذا الكتاب هو كتاب الخوارزمي في علم الحساب وقد ترجم إلى اللغة اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي. وقد علق المؤلف" محمد خان في كتابه نظرة مختصرة لمآثر المسلمين في العلوم والثقافة" أن الخوارزمي يقف في الصف الأول من صفوف الرياضيين في جميع العصور، وكانت مؤلفاته هي المصدر الرئيسي للمعرفة الرياضية لعدة قرون في الشرق والغرب ".
ولقد عرف عمل الخوارزمي عند أوروبا عندما ابتكر علم حساب اللوغاريتمات ( algorism) . كما كان عمله في علم الجبر لم يعط اسما لهذا الفرع الهام من فروع الرياضيات لأوروبا وإنما أضاف إليه الحلول التحليلية والهندسية للمعادلات - ذات الدرجة الأولى والثانية.
إن الرياضيات التي ورثها المسلمون عن اليونان تجعل حساب التقسيم الشرعي للممتلكات بين الأبناء معقدة للغاية، إن لم يكن مستحيلا، وهذا قاد الخوارزمي للبحث عن طرق أدق وأشمل وأكثر قابلية للتكيف فابتدع علم الجبر، وقد وجد الخوارزمي متسعا من الوقت لكتابة علم الجبر الذي جعله مشهورا حينما كان منهمكا في الأعمال الفلكية في بغداد. ويختص كتابه " الجبر والمقابلة" في إيجاد حلول لمسائل عملية واجهها المسلمون في حياتهم اليومية. وقد ذكرنا في كتابنا " إسهام علماء المسلمين في علم الرياضيات" أن الجبر يقصد بها إضافة حثدود موجبة تساوي في كميتها الحدود السالبة إلى طرفي المعادلة. أما المقابلة فتعني جمع الحدود المتشابهة. ولإيضاح