للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإثم بالترك، فأما لا أثر له في أحكام الدنيا، ألا ترى أنه لا يجبر ولا يحبس فلا يظهر في حق حكم من أحكام الدنيا، فكانت ملحقة بالعدم في حق أحكام الدنيا.

ثم إذا كان على الرجل دين وله مال الزكاة وغيره من عبيد الخدمة وثياب البذلة ودور السكنى فإن الدين يصرف إلى مال الزكاة عندنا سواء كان من جنس الدين أو لا، ولا يصرف إلى غير مال الزكاة وإن كان من جنس الدين.

وقال زفر: يصرف الدين إلى الجنس وإن لم يكن مال الزكاة، حتى إنه لو تزوج امرأة على خادم بغير عينه وله مائتا درهم وخادم فدين المهر يصرف إلى المائتين دون الخادم عندنا، وعنده يصرف إلى الخادم.

وجه قول زفر: أن قضاء الدين من الجنس أيسر؛ فكان الصرف إليه أولى.

ولنا: أن عين مال الزكاة مستحق كسائر الحوائج، ومال الزكاة فاضل عنها، فكان الصرف إليه أيسر وأنظر بأرباب الأموال؛ لهذا لا يصرف إلى ثياب بدنه وقوته وقوت عياله، وإن كان من جنس الدين لما قلنا.

وذكر محمد في الأصل: أرأيت لو تصدق عليه لم يكن موضعا للصدقة.

ومعنى هذا الكلام: أن مال الزكاة مشغول بحاجة الدين؛ فكان ملحقا بالعدم، وملك الدار والخادم لا يحرم عليه أخذ الصدقة، فكان فقيرا، ولا زكاة على الفقير.

ولو كان في يده من أموال الزكاة أنواع مختلفة من الدراهم والدنانير وأموال التجارة والسوائم فإنه يصرف الدين إلى الدراهم والدنانير وأموال التجارة دون السوائم؛ لأن زكاة هذه الجملة يؤديها أرباب الأموال، وزكاة السوائم يأخذها الإمام، وربما يقصرون في الصرف إلى الفقراء ضنا بما