لهم، فكان صرف الدين إلى الأموال الباطنة ليأخذ السلطان زكاة السوائم نظرا للفقراء، وهذا أيضا عندنا.
وعلى قول زفر يصرف الدين إلى الجنس، وإن كان من السوائم، حتى إن من تزوج امرأة على خمس من الإبل السائمة بغير أعيانها وله أموال التجارة وإبل سائمة فإن عنده يصرف المهر إلى الإبل، وعندنا يصرف إلى مال التجارة لما مر.
وذكر الشيخ الإمام السرخسي أن هذا إذا حضر المصدق، فإن لم يحضر فالخيار لصاحب المال، إن شاء صرف الدين إلى السائمة وأدى الزكاة من الدراهم، وإن شاء صرف الدين إلى الدراهم وأدى الزكاة من السائمة؛ لأن في حق صاحب المال هما سواء لا يختلف، وإنما الاختلاف في حق المصدق، فإن له ولاية أخذ الزكاة من السائمة دون الدراهم؛ فلهذا إذا حضر صرف الدين إلى الدراهم وأخذ الزكاة من السائمة.
فأما إذا لم يكن له مال الزكاة سوى السوائم فإن الدين يصرف إليها ولا يصرف إلى أموال البذلة لما ذكرنا.
ثم ينظر إن كان له أنواع مختلفة من السوائم، فإن الدين يصرف إلى أقلها زكاة حتى يجب الأكثر نظرا للفقراء، بأن كان له خمس من الإبل وثلاثون من البقر وأربعون شاة، فإن الدين يصرف إلى الإبل أو الغنم دون البقر حتى يجب التبيع؛ لأنه أكثر قيمة من الشاة.
وهذا إذا صرف الدين إلى الإبل والغنم بحيث لا يفضل شيء منه، فأما إذا استغرق أحدهما وفضل منه شيء، وإن صرف إلى البقر لا يفضل منه شيء فإنه يصرف إلى البقر؛ لأنه إذا فضل شيء منه يصرف إلى الغنم فانتقص النصاب بسبب الدين فامتنع وجوب شاتين.