للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السوي، وتخلقهم بمعالي الأخلاق وفضائل الأعمال، وعملهم بتعاليم الدين الصحيح، ويستاء ويشق عليه متى رآهم منحرفين ضالين قد خالفوا سنة الله تعالى وشرعه، وتنكبوا الطريق السوي، وارتكبوا المآثم وفعلوا الجرائم.

ولقد جبل الله الوالدين على محبة الأولاد والشفقة عليهم والرحمة بهم، وإيثارهم بالمصالح والملذات في هذه الحياة الدنيا، والخوف عليهم من أسباب العطب والهلاك، فقد حكى الله تعالى عن نوح عليه السلام نداءه لابنه الذي عصى عليه، فقال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} (١). وبعد أن خرج الابن عن طاعة أبيه وتمرد عليه، لم يغفل عنه بل دعا ربه أن ينجيه بقوله: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} (٢). فهو يتذكر أن ربه تعالى وعده بنجاة أهله بقوله: {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} (٣). فظن أن ابنه من أهله الذين وعد الله بنجاتهم، ولكن الله تعالى عاتبه بقوله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} (٤). أي: الذين وعدناك بنجاتهم. فعرف من هذا شفقة الوالد على ولده ولو كان عاصيا له وخارجا عن طواعيته. وهكذا ما حكى الله تعالى عن إبراهيم -عليه السلام- مما يدل على شفقته وخوفه على ولده، ففي مقام الطلب والرجاء لما قال الله تعالى له: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (٥).


(١) سورة هود الآية ٤٢
(٢) سورة هود الآية ٤٥
(٣) سورة هود الآية ٤٠
(٤) سورة هود الآية ٤٦
(٥) سورة البقرة الآية ١٢٤