للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسيئة، وأسباب كل منهما. فالوالد والولي الناصح يبذل جهده في تقويم موليه، وفي نصحه وإرشاده، وتحريضه على الخير، وتحذيره من العاقبة السيئة؛ ليكون سببا في نجاته وفلاحه، كما أن الله تعالى قذف في قلبه الرحمة التي تستجلب الرقة والشفقة في الدنيا، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الحسن، فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إنه من لا يرحم لا يرحم (١)»، «وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدم ناس من الأعراب فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ لكنا والله ما نقبل. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أو أملك أن كان الله نزع منكم الرحمة " وفي لفظ: " أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة (٢)»، وفي «حديث أسامة بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رفع إليه ابن بنته، ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه -صلى الله عليه وسلم- وقال: " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء (٣)» فهذه الرحمة التي جعلها الله تعالى في قلوب الآباء يكون من آثارها الشفقة عليهم، والحرص على إيصال الخير إليهم، ودفع الشر عنهم، سيما وقت الطفولية والحاجة، وتستمر حتى الموت غالبا. فمتى كان يحب لهم الصحة والسلامة والبعد عن العطب والضرر فإن عليه أن يحرص على تقويم أولاده وتهذيب أخلاقهم، وإرشادهم إلى ما ينفعهم في الدار الآخرة ويوصلهم إلى رضوان ربهم سبحانه وتعالى.


(١) رواه البخاري في الأدب برقم ٥٩٩٧ ومسلم في الفضائل برقم ٢٣١٨.
(٢) رواه البخاري في الأدب برقم ٥٩٩٨ ومسلم في الفضائل برقم ٢٣١٧.
(٣) رواه البخاري في الجنائز برقم ١٢٨٤ ومسلم في الجنائز برقم ٩٢٣.