للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يهملهم ويترك لهم الحبل على الغارب، بحيث يتمكنون من الذهاب والتقلب كيف شاءوا، والاختلاط بأهل الفساد والمعاصي ممن يزين لهم الوقوع في المسكرات، وتعاطي المخدرات، وشرب الدخان، وسماع الأغاني، والعكوف على النظر إلى الصور الخليعة، والإكباب على الأفلام الهابطة، والتمثيلات الماجنة، فتفسد أخلاقهم، وتنحرف طباعهم، فتثقل عليهم الصلوات، ويستصعبون حضور الجماعات، ويهون عليهم أمر جميع العبادات، ويعتادون غشيان المحرمات، وينهمكون في الفساد، وينغمسون في اقتراف الفواحش والمنكرات، فلا ينتبه ولي أحدهم إلا بعد أن تتمكن من ولده تلك العادات السيئة، وتصبح ركيزة في نفسه، يندر أن يقلع عنها مهما بذل والده من النصح والتوجيه، والتحذير والتخويف والتهديد، ومهما فعل من الضرب والحبس والتعزير، فيندم الأب ولات حين مندم، ويعض كفه على ما فرط منه من الغفلة والإهمال.

مع أن الكثير من الآباء وأولياء الأمور قد يغفلون عن أولادهم، وينشغلون بحرفهم وأعمالهم، فيصلح أولادهم، وتتولاهم عناية الله، ويحفظهم ربهم عن الأخطار والأضرار: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (١).

كما أن من أسباب هذا الانحراف في الشباب سوء التربية، فإن الكثير من الآباء قد يتنزل على رغبة أهله وولده عندما يتضجرون أمامه، ويشتكون الفراغ والتحجر والتضييق، ويطلبون منه ما يسليهم ويفرج عنهم الهموم والأحزان، ويشغلهم عن التفكير والتعقيد والانزواء، فيرغبون إليه


(١) سورة الأعراف الآية ١٧٨