أليس من الخسران أن لياليا ... تمر بلا نفع وتحسب من عمري
وبهذا يعرف خسران الكثير من أكابر وأصاغر يظهرون الملل من طول الوقت، ويقبلون على اللعب بما يسمى البلوت، ونحوه من الملاهي، أو على ما يعرضونه من أفلام خليعة تحوي صورا ماجنة، وقصصا خيالية، تشغل الأفكار، وتضيع الأعمار، وكان الأولى أن يضنوا بتلك الساعات الثمينة، ويشغلوها في تلاوة القرآن، أو مذاكرة في حديث أو فقه، أو أدب أو تاريخ فيه عبرة، أو تعلم وتعليم، أو أذكار وعبادات، ونصائح وإرشادات، أو عرض لمواضيع تهم المجتمع، وسعي في نفع المسلمين، فإن الكثير من أولئك الذين يظهرون الملل والسآمة من طول الوقت وكثرة الفراغ، ويعملون أعمالا وألعابا يستفرغون بها زمانهم، لو تعلموا فيه أحكام دينهم، أو تدبروا وقرءوا كتاب ربهم، أو تفقهوا في دينهم، لاستفادوا من فراغهم فائدة كبرى، فإن الغالب عليهم الجهل المركب، فلو سألتهم عن معنى آية أو حديث فقهي، أو تفسير غريب، أو محتوى كتاب مشهور لما أجابوا بقليل ولا بكثير.
فما أخسر صفقة من أضاع وقته الثمين وعمره الطويل في غير فائدة دينية أو دنيوية.
وأخسر منه من شغل عمره المديد في ضد الطاعة، من عكوف على الملاهي، وسماع للأغاني، وإنصات لقصص وأضحوكات، وتماثيل خيالية،
(١) ارجع إلى ما ذكره ابن رجب -رحمه الله- في أول كتابه (لطائف المعارف) حيث توسع في هذا المعنى.