للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خامسا: وتنبغي الإفادة من التنظيمات السابقة التي أخذت بها دولة الخلافة العثمانية في شأن تلك البيوع وفرض حد أقصى للزيادة في المرابحة، ولتلافي الثغرات التي تكشفت في تطبيق نظام السلم (١). .

وجود أسواق إسلامية للمال الآجل يستثمر فيها استثمارا رأسماليا من طريق المضاربة أو متداولا بالبيوع الآجلة نسيئة وسلما، بغير أن يتوسط بين المدخر أو المنتج أو التاجر وبين المنظم العامل أو المستهلك مراب لا يقوم بشيء من أعمال التجارة ولا يتعرض لمخاطرها. وتسلم سوق المال الإسلامية من أضرار المنافسة بين الاستغلال الربوي في السندات والقروض وما يسمى بالأوعية الادخارية وبين الاستثمار غير الربوي في الشركات والبيوع. وهي المنافسة التي تعاني منها أسواق المال في الاقتصاديات الربوية، وتعيق تقدم مشروعات التنمية من طريق التمويل المباشر.

ولا يعرض لمن يحكم بما أنزل في الإسلام ما يتذرع به غير المسلمين من ضرورة الربا لقيام أسواق المال بدعوى أن تحريمه يذر رأس المال الآجل ولا كسب له في تلك الأسواق يغريه بالبقاء فيها مما يؤدي إلى اختفائه وينضب معين التمويل للمشروعات الاقتصادية؛ إذ يجد رأس المال في بلاد الإسلام أسواقا متسعة تفيء بالأرباح المشروعة عليه، وذلك يوجب على المسلمين ألا يخدعوا بتلك الحجة الداحضة، وأن يفروا إلى حكم الله تعالى، وقد ظلوا قرونا طويلة مزهرة لا يقربون فيها الربا، وينهون عن أكله وعما أخذت به طائفة منهم من إنشاء المصارف الربوية التي تضاهي مصارف اليهود، وعندها يستشعر المسلمون رحمة الله التي اختصهم بها والله ولي التوفيق.


(١) حاشية ابن عابدين جزء ٤ ص ١١٤