للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الماتريدية فإن التوحيد عندهم ثلاثة أنواع: توحيد في الذات، فالله تعالى لا قسيم له بمعنى أنه لا يتبعض ولا يتجزأ (١). وتوحيد في الصفات، فالله تعالى لا شبيه له. وتوحيد في الأفعال، فالله تعالى لا شريك له في أفعاله.

يقول ملا علي القاري: واحد في ذاته، واحد في صفاته، وخالق لمصنوعاته (٢).

ويتضح من هذا أنهم جعلوا توحيد الربوبية هو الغاية العظمى، مع أنه أمر فطري لا يخالف فيه أحد، وكذلك أنهم أهملوا توحيد الألوهية تماما ولم يتطرقوا إليه بكلمة، مع أنه الغاية العظمى من بعثة الرسل.

وأما الاستدلال على وجود الله تعالى فإنهم يستدلون على وجود الله تعالى بطريقة الحدوث، وهي إثبات حدوث العالم أولا؛ وذلك أن العالم عندهم جواهر وأعراض، والجواهر لا تنفك عن الأعراض، والأعراض حادثة، وما لا ينفك عن الحوادث فهو حادث (٣). فالعالم إذن حادث، وإذا ثبت حدوث العالم، فإن الأجسام في العالم لا تجتمع ولا تفترق بنفسها ولا هي قادرة على إصلاح ما فسد منها في حال قوتها وكمالها، وإذا كانت الطبائع المتنافرة لا تجتمع بنفسها فلا بد من قاهر يقهرها على غير طبعها


(١) العقائد النسفية مع شرحها (٣٩).
(٢) ضوء المعاني (ص ١٣).
(٣) كتاب التوحيد للماتريدي (١١ - ١٣).