وقال الشهرستاني: حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وهؤلاء كانوا من جملة السلف، إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية (١) وهذان المذكوران- المحاسبي والقلانسي - وغيرهما، هم من تلامذته الذين نشروا مذهبه، إلى أن تلقف هذا المذهب في القرن الرابع الهجري كل من: أبي منصور الماتريدي المتوفى سنة (٣٣٣)، وأبي الحسن الأشعري المتوفى سنة (٣٣٠)، فنشرا أقوال ابن كلاب، وأشاعاها، وهكذا تطور المذهب الكلابي على أيدي هؤلاء ومن جاء بعدهم من الماتريدية والأشعرية، وذلك كما في مسائل العلو والاستواء والرؤية وغيرها على النحو التالي:
(١) كان ابن كلاب مثبتا للعلو والاستواء، مثبتا للرؤية، بينما نفى الماتريدية والأشعرية صفة العلو، وقالوا: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه. وأولوا الاستواء بأنه الاستيلاء، وأما بخصوص الرؤية فإنهم اشترطوا لها شروطا مخترعة، فقالوا: يرى بلا جهة ولا مسافة. بل إن بعض محققيهم صرحوا بأنه ليس بينهم وبين المعتزلة خلاف في مسألة الرؤية فإنها- عندهم- رؤية قلبية وليست بصرية.
(٢) في الإيمان: كان ابن كلاب يقول في الإيمان: إنه معرفة بالقلب وإقرار باللسان. ويرى صحة إيمان المقلد،