للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، وبعد الغد، فالذي يليه حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الأعرابي- أو قال غيره- فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود (١)».

الكريم خلقنا من العدم تفضلا منه وكرما، وربانا بالنعم من غير حول منا ولا قوة، وأعطانا من دون أن نسأله، وأمرنا بالسؤال حتى يزيدنا من فضله؛ فمن سأله رضي عنه، وأحبه، وأعطاه مسألته، ومن لم يسأله يغضب عليه ويحرمه. جعل الدعاء هو العبادة تحببا منه لعباده، رتب العطاء والرزق والزيادة على من أقبل عليه ودعاه وألح في دعائه، وسأله استجابة لدعوته، وطمعا في كرمه وخوفا من عذابه، تكفل لكل من سأله أن يجيبه، وحدد أوقاتا وأزمانا وأمكنة لسؤاله حتى لا يبتعد عنه عباده، أو يغفلوا، وحتى يلازموا بابه؛ لينهمر عليهم رزقه وفضله وعطاؤه. نسأل الله مزيدا من نعمه وآلائه في الدنيا والآخرة.


(١) انظر فتح الباري ٢/ ٤١٣ رقم ٩٣٣