للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي تصيب المجتمع: من ترويع شديد، وتعطيل نظام السفر والتجارة، ونحو ذلك؛ فكانت كذلك العقوبة شديدة، بخلاف ما لو كانت حقا لآدمي فإنه يلزم التماثل بين الجريمة والعقوبة، فلا تكون شديدة لعدم حصول ضرر كبير على الفرد.

فالجرائم التي تمس حق الله تعالى تكون العقوبة متسمة بالشدة لتتناسب مع الآثار المترتبة عليها ضد المجتمع والصالح العام والفضائل السائدة في المجتمع. أما الجرائم التي تمس حق العبد فالعقوبة تتسم بشيء من التريث، ولا ينظر في فرض العقوبات عليها إلى الآثار المترتبة بقدر ما ينظر إلى نفس الجريمة؛ لأن العقوبات فيها تعتمد على المماثلة بين الجريمة والعقوبة، وهذه المماثلة إما أن تكون صورة ومعنى، أو تكون معنى فقط؛ لأنها شرعت جبرا للنقص والخلل الحاصل على المجني عليه، والجبر لا يحصل إلا بالمماثلة (١).

قال الكاساني: " إن حقوق العباد تجب بطريق المماثلة، إما صورة ومعنى، وإما معنى لا صورة؟ لأنها تجب بمقابلة المحل جبرا، والجبر لا يحصل إلا بالمثل " (٢).


(١) بدائع الصنائع ٧/ ٥٦.
(٢) بدائع الصنائع ٧/ ٥٦.