المقصود بل غيره، أو لم يكن لمعين بل قصد مطلق الضرر؛ فهلك بها إنسان، فالدية في الحر المعصوم، والقيمة في غيره.
ومفهوم قصد مطلق الضرر أنه إن لم يقصد ضررا بالحفر وما بعده فلا شيء عليه ويكون هدرا.
فهذه النصوص كما هو ملاحظ تدندن حول نقطة واحدة، وهي أنه إن حصل عدوان بحفر البئر، بأن حفرت فيما لا يجوز الحفر فيه ففيه الضمان ولو لم يقصد، فإن حفر فيما يجوز له الحفر فيه فعليه الضمان إذا قصد الضرر مع أن جميع الفقهاء الباقين لم ينظروا إلى القصد، وإنما نظروا إلى العمل نفسه.
ولذلك إذا ردى إنسان آخر في بئر حفرت تعديا فالفقهاء الثلاثة متفقون على أن الضمان على المردي لا على الحافر؛ لأن الحافر متسبب والمردي مباشر، والحكم يضاف إلى المباشر.
وقال المالكية: ينظر إلى القصد لذلك، نص الشيخ الدردير، على أنه يقتل المتسبب مع المباشر، فإذا حفر إنسان بئرا ليقع فيها إنسان معين فجاء ذلك الإنسان فرداه ثالث في البئر أن الضمان على الحافر وعلى المردي، ولو لم يجتمعا وقت الهلاك، ولو من غير تمالؤ من الحافر والمردي (١). ا. هـ.
هذا كله يدلك على أن للقصد الأهمية العظمى عند المالكية، وأما إذا كان هناك تعد وحصل ضرر فالضمان واجب من غير نظر إلى القصد.
(١) الدردير، الشرح الكبير ٤/ ٢٤٦، وانظر الزرقاني، شرح المختصر ٨/ ٩.