وأما الحنابلة (١) فإنهم نظروا إلى تعلق المصلحة، فإن كانت المصلحة للمسلمين فلا ضمان، وإن كانت لمصلحة الفرد ضمن ولم ينظروا إلى إذن الإمام وجودا ولا عدما، بشرط أن لا يكون في الحفر ضرر.
قال ابن قدامة: وإن حفر في طريق واسع في موضع لا ضرر فيه، نظرنا، فإن حفرها لنفسه ضمن بالتلف فيه سواء حفرها بإذن الإمام أو بغير إذنه.
الترجيح:
والذي أراه راجحا من هذه المذاهب المختلفة، مبني على ما يلي:
أن رأي الحنفية جيد في اعتماد إذن الإمام؛ لأن الطريق مصلحة للمسلمين فلا بد من رأي من له الولاية عليهم وهو الإمام، وتقييد الشافعية بإذن الإمام بما إذا كان الطريق واسعا ليس بضيق تقييد جيد، فإذا أضفنا إلى ذلك تقييد المالكية بعدم الضرر أصبح الرأي الراجح واضحا، وهو أن الإنسان إن حفر بئرا في الطريق الواسع بإذن الإمام ولا ضرر فيه على أحد فلا يضمن، فإذا فقد شيء من ذلك ضمن، ولذا فيضمن الحافر في الطريق الواسع إذا كان الحفر لمصلحة نفسه ولم يأذن له الإمام، أو أحدث ضررا، أو أحدث ضيقا في الطريق، والله أعلم.
(١) ابن قدامة ١٢/ ٩٠. وانظر فتاوى شيخ الإسلام ٣٠/ ٣٩٩ - ٤٠٠.