للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصح، وضمن إذا حفر البئر بها ولو أذن الإمام، وكذا يضمن ولو كان لمصلحة المسلمين.

وقال الحنابلة: إن حفرها لمصلحة نفسه ضمن ما تلف به، سواء حفرها بإذن الإمام أو غير إذنه.

الأدلة:

استدل الحنفية عنى اشتراط أمر الإمام لنفي الضمان فقالوا: لأنه إذا أمره السلطان بذلك أو أجبره عليه لم يضمن؛ لأنه غير متعد حيث فعل ما فعل بأمر من له الولاية في حقوق العامة، وإن كان بغير أمره فهو متعد بالتصرف في حق غيره، أو بالافتيات على الإمام، أو هو مباح مقيد بشرط السلامة.

أما المالكية فدليلهم واضح؛ لأنهم إن اشترطوا عدم الضرر فلحديث: «لا ضرر ولا ضرار (١)»، ولقاعدة الضرر يزال، وإن اشترطوا عدم قصد الضرر فهذا واضح أيضا؛ لأنه لا يجوز لإنسان أن يفعل فعلا يقصد به الضرر بالآخرين للحديث أيضا.

وأما الشافعية فدليلهم على اشتراط السعة والضيق واضح، فحكموا بعدم الضمان في الحفر في طريق واسع إذا كان بإذن الإمام؛ لأن للإمام أن يأذن بالانتفاع بما لا ضرر فيه، وحكموا بالضمان بالحفر في الطريق الضيقة، لأن هذا يضر بمرور الناس فيها ولا مصلحة لهم فيه إنما المصلحة للحافر فقط، ولم يلتفتوا هنا إلى إذن الإمام، بل الضمان واجب أذن الإمام أم لا؛ لأن هذا الحفر فيه ضرر فلا يفيد فيه الإذن، ولما كانت الطريق واسعة لا


(١) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٤٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٢٧).