للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن طول المكث في البئر المتسبب عن الحفر الوقوع في البئر، وحينئذ فكما أن الموت جوعا بسبب الحبس موجب للضمان مع أن الجوع ليس من لوازم الحبس فكذا هنا، ثم لولا البئر فإن الطعام قريب منه.

وأما قوله: (١) إن الغم ليس من لوازم البئر فإنها قد تغم وقد لا تغم. نقول: هذا صحيح ولكنها إذا غمت أصبحت سببا في الضمان وإلا فلا. فإن ضربة السيف قد تقتل وقد لا تقتل، فإذا قتلت كانت سببا للضمان، فكذا هنا.

وأما قوله: إن الجوع والغم يحدثان بخلق الله تعالى. فهذا صحيح، وكل شيء بخلق الله تعالى، والله تعالى خالق لأفعال العباد كلها ومع ذلك يؤاخذون عليها.

الترجيح:

بعد أن عرفنا الأقوال جميعها وعرفنا الأدلة والمناقشة رأينا أن القول الأول قول مستقيم ليس فيه مطعن ولا رد عليه أحد وأن رأي أبي حنيفة والشافعية وأبي يوسف وردت عليها ردود ردتها؛ لذا أرى أن الرأي الراجح في هذه المسألة هو القول الأول، وعلى ذلك. فإذا حفر إنسان بئرا وكان متعديا في حفرها وسقط فيها إنسان ومات بأي سبب من أسباب الموت فإن الحافر ضامن لذلك.


(١) أي قول أبي حنيفة.