للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المعنى:

١ - أن الله تعالى حرمها لعينها فكانت نجسة كالخنزير (١).

٢ - أن من تمام تحريمها وكمال الردع عنها الحكم بنجاستها حتى يتقذرها العبد، فيكف عنها قربانا بالنجاسة، وشربا بالتحريم، فالحكم بنجاستها يوجب التحريم (٢).

القول الثاني: أنها طاهرة، قال القرطبي بعد ذكره لقول من قال أنها نجسة، قال: وخالفهم في ذلك ربيعة والليث بن سعد والمزني صاحب الشافعي، وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين، فرأوا أنها طاهرة، وأن المحرم إنما هو شربها، وقد استدل سعيد بن الحداد القروي على طهارتها بسفكها في طرق المدينة. قال: ولو كانت نجسة لما فعل ذلك الصحابة رضوان الله عليهم، ولنهى النبي صلى الله عليه وسلم كما نهى عن التخلي في الطريق (٣). انتهى.

وقد يناقش هذا الاستدلال بالوجوه الآتية:

الوجه الأول: قد يقال: المواضع التي أريق فيها الخمر ليست مواضع للصلاة بل هي مسالك استطراق، فإما أن يقال بأنه لا يشق الاحتراز منها أو لا، وعلى القول بأنه لا يشق الاحتراز منها ووطئها المار فإنه يطهره ما بعده، فروى الإمام أحمد وأبو داود «أن امرأة قالت لأم سلمة: إني أطيل ذيلي وأمشي في


(١) المغني، ٩/ ١٥٢، ويرجع لبدائع الصنائع، ٥/ ١١٣.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي، ٢/ ٦٥١.
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٦/ ٢٨٨.