للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنده ظن غالب فيعمل به، وأحاديث البناء على اليقين على من لم يوجد عنده ظن غالب، فإنه يبني على اليقين وهو الأقل.

ونوقش هذا الدليل: بأنه تبين لنا فيما تقدم أن في ذلك جمعا للأحاديث وإعمالا لها كلها، ولكن الإشكال هنا في قول الحنفية بالتفريق بين وقوع الشك أول مرة أو التكرار، فيختلف الحكم عندهم تبعا لوقوع الشك أول مرة أو تكراره. وهذا التفصيل لا يعضده دليل صحيح، بل فيه مخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة، وهي القول بالتحري أو البناء على اليقين (١).

قال الحافظ ابن عبد البر (٢): " وليس في شيء من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم تفرقة بين أول مرة وغيرها، فلا معنى لقول أبي حنيفة في ذلك " اهـ.

الدليل الثالث: أن من شك في صلاته فأبطلها واستأنفها من جديد كان مؤديا للفرض بيقين كاملا. أما لو بنى على اليقين وهو الأقل لم يؤد الصلاة كاملة؛ لأنه ربما يزيد فيها، وإدخال الزيادة في الصلاة نقصان فيها، وربما يؤدي إلى إفساد الصلاة (٣).

ونوقش هذا الدليل: بأنه قد وردت الأحاديث الصحيحة الصريحة في المسألة المخالفة لهذا الدليل بالبناء على اليقين والتحري - على التفصيل السابق - فلا معنى لما يخالف حديث


(١) انظر: المغني ٢/ ٤٠٩.
(٢) في التمهيد ٥/ ٣٨٠.
(٣) انظر: بدائع الصناع ١/ ١٦٥.