يتلخص هذا القول في أن الأوراق النقدية بدل لما استعيض بها عنه وهما النقدان الذهب والفضة وللبدل حكم المبدل عنه مطلقا، ويوجهه أصحابه بأن هذه الأوراق النقدية قائمة في الثمنية مقام ما تفرعت عنه من ذهب أو فضة حالة محلها جارية مجراها معتمدة على تغطيتها بما تفرعت عنه منهما والأمور الشرعية بمقاصدها يؤيد القول بثمنيتها أنه إذا زالت عنها الثمنية أصبحت مجرد قصاصات ورق لا تساوي بعد إبطالها شيئا مما كانت تساويه قبل الإبطال، ويلزم سلطة الإصدار تعويض حاملها إما بمقابلها من جنس رصيدها وإما بأوراق أخرى تقوم مقام مقابلها من الرصيد ما تراه الدولة من المصلحة.
مستلزمات هذا الرأي:
يستلزم هذا الرأي ما يأتي: -
أ - جريان الربا بنوعيه في الأوراق النقدية.
ب - ثبوت الزكاة فيها متى بلغت قيمتها مائتي درهم فضة أو عشرين مثقالا ذهبا إذا استكملت شروط وجوب الزكاة في النقدين، مع ملاحظة أن ما كان بدلا عن ذهب فلا تجب زكاته حتى تبلغ ثمنيته نصاب الذهب، وما كان بدلا عن فضة فلا تجب زكاته حتى تبلغ ثمنيته نصاب الفضة.
ج - جواز السلم بها.
د - اعتبارها بغض النظر عن أشكالها وأسمائها وجنسياتها متفرعة عن جنسين هما الذهب والفضة فما كان عن ذهب فله حكم الذهب وما كان عن فضة فله حكم الفضة.
هـ - إذا بودل بين نوعين من الورق النقدي متفرعين عن ذهب أو فضة امتنع التفاضل بينهما، وإذا بودل بين جنسين من الورق أحدهما متفرع عن ذهب والثاني متفرع عن فضة جاز فيهما التفاضل إذا كان يدا بيد، وامتنع فيهما التأخير.
مناقشة هذا القول:
هذا الرأي مبني على افتراض أن الأوراق النقدية مغطاة غطاء كاملا بذهب أو فضة، وحيث إن الواقع خلاف ذلك وأن غالب الأوراق النقدية مجرد أوراق وثيقية مستمدة من سن الدولة التعامل بها وتلقي الناس إياها بالقبول، وأن القليل المغطى لا يلزم أن يغطى بالذهب أو الفضة بل قد يغطى بغيرهما من عقار أو أوراق مالية من أسهم أو سندات لا تقدر قيمتها بذهب ولا فضة، وإنما تقدر بعمل ورقية، فضلا عن الحرج والمشقة في القول بهذا الرأي في مسائل الصرف عند اشتراط المماثلة في الجنس وذلك إذا صح ما قيل بانتقاء أي نقد ورقي غطاؤه فضة، ويمكن أن يورد على هذا النقاش ما يلي: -