للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب إلا آمن به، وقيل بل اليهود خاصة. وقال الحسن على هذه الآية: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (١) قال: قبل موت عيسى، والله إنه لحي الآن عند الله. وأصرح ما قيل في تفسير هذه الآيات ما قاله ابن جرير رحمه الله: إنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام إلا من آمن به قبل موته عليه السلام فيكون الضمير عائدا إلى عيسى.

ثم ساق الأحاديث الواردة في هذا، ومنها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد وحتى تكون السجدة لله خير له من الدنيا وما فيها (٢)». وقد روي أنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق. وأنه يقاتل الدجال هو ومن معه من جنود الإسلام المنصورة فيدرك الدجال عند باب لد أو إلى جانب لد فيقتله. قال مجمع بن حارثة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقتل ابن مريم الدجال بباب لد أو إلى جانب لد (٣)». وليس فيما يذكر من كذب اليهود بقتل عيسى عليه السلام ما يدل على براءتهم من إثم قتله وارتكاب جريمة اغتياله عليه السلام، فإنهم وإن لم يقتلوه بالفعل إلا أنهم صمموا على قتله، وبذلوا كل ما يستطيعون، وعملوا مع من ألقي عليه شبهه من قتله وصلبه وصفعه وإلقاء الشوك عليه وغر ذلك من الأشياء التي عملوها ظانين أنه عيسى عليه السلام، ثم صاروا يفتخرون بقتله، فقد باءوا بإثم قتله


(١) سورة النساء الآية ١٥٩
(٢) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٤٨)، صحيح مسلم الإيمان (١٥٥)، سنن الترمذي الفتن (٢٢٣٣)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٢٤)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٣٨).
(٣) صحيح مسلم الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٧)، سنن الترمذي الفتن (٢٢٤٠)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٢١)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٨٢).