للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلمين. فما موقفنا منهم؟ ويقول: هل تجوز اللعنة عليهم كما جازت على اليهود؟ ويصف شدة حيرته في هذه المسألة.

ج: ليس في الثناء المذكور في هذه الآيات ما يوجب الحيرة في شأن النصارى والتوقف في لعنتهم، فإن الموصوفين بتلك الصفات ليس المقصود بهم جميع النصارى، بل طائفة منهم استجابت للحق ولم تستكبر عن اتباعه. وفي تعيين تلك الطائفة مسلكان للمفسرين:

١ - أن المقصود بهذه الطائفة أصحاب النجاشي: إما الذين آمنوا إذ جاءتهم مهاجرة المؤمنين كما في رواية أبي الشيخ وابن جرير عن عطاء. وإما الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى الحبشة، لما أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد أنه قال في قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} (١) قال: هم الوفد الذين جاءوا مع جعفر وأصحابه من أرض الحبشة.

٢ - أن تلك الطائفة قوم كانوا على شريعة عيسى عليه السلام من أهل الإيمان، فلما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم آمنوا به وصدقوه؛ لما أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} (٢) قال: أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى يؤمنون به وينتهون إليه، فلما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم


(١) سورة المائدة الآية ٨٢
(٢) سورة المائدة الآية ٨٢