للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدقوه وآمنوا به وعرفوا ما جاء به من الحق أنه من عند الله فأثنى عليهم بما تسمعون. وعلى هذين التفسيرين اقتصر ابن جرير الطبري في تفسيره؛ اختار أن هذه الآيات في صفة أقوام بهذه المثابة سواء كانوا أصحاب النجاشي أو غيرهم. وعبارته: والصواب في ذلك عندي أن الله وصف صفة قوم قالوا: إنا نصارى، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يجدهم أقرب الناس ودادا لأهل الإيمان بالله ورسوله ولم يبين لنا أسماءهم. وقد يجوز أن يكون أريد بذلك أصحاب النجاشي. ويجوز أن يكون أريد به قوم كانوا على شريعة عيسى عليه السلام فأدركهم الإسلام فأسلموا لما سمعوا القرآن وعرفوا أنه الحق ولم يستكبروا عنه.

وتوجيه هذه الآيات إلى أنها في طائفة معينة من النصارى استجابت للحق هو المشهور، وهو الذي يقتضيه سياق الآيات المسئول عنها. وإليه مال العلامة ابن القيم في (هداية الحيارى من اليهود والنصارى). ثم قال بعد كلام طويل في هذه الآيات: والمقصود أن هؤلاء: أي الموصوفين بهذه الصفات الذين عرفوا أنه رسول الله بالنعت الذي عندهم فلم يملكوا أعينهم من البكاء وقلوبهم من المبادرة إلى الإيمان.

وقال ابن كثير في تفسيره: وهذا الصنف من النصارى أي الذين أثنى الله عليهم في هذه الآيات هم المذكورون في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} (١) الآية وهم


(١) سورة آل عمران الآية ١٩٩