للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان هذا كله في مجال التأصيل فالشيخ - رحمه الله - يحرص على النصوص حتى في مجال التأصيل، ومن النماذج على ذلك أن الآمدي - رحمه الله - لما مثل في باب الأمر المعلق على الشرط، كقوله: " إذا زالت الشمس فصلوا " (١)، علق الشيخ - رحمه الله - بقوله: " لو مثل بأمثلة من النصوص، كقوله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (٢) الآية، وقوله: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} (٣) الآية لكان أولى " (٤).

وإذا كان ما سبق ذكره في هذا المعلم في شقه الأول وهو عناية الشيخ بالنصوص، فإن الشق الثاني وهو اهتمامه بصحة الأحاديث والآثار لا يقل شأوا عنه.

وذلك يتجلى في تعقب ما استشهد به الأصوليون عامة والآمدي خاصة من الأحاديث والآثار الضعيفة، بل والموضوعة أحيانا، فقد أمسك الشيخ - رحمه الله - بقلم الناقد البصير والمخرج القدير، غيرة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم واجتهادا في أن تبنى مسائل الأصول على ما صح فيه الخبر عن سيد البشر عليه الصلاة والسلام، والنماذج في هذا أكثر من أن تحصر، بل إن الشيخ - رحمه الله - يتوسع أحيانا في التخريج والحكم على الحديث، فيأخذ الصفحتين وأكثر، استطرادا في


(١) ٢/ ١٦١ من الإحكام.
(٢) سورة المائدة الآية ٦
(٣) سورة النور الآية ٥٩
(٤) تعليق رقم ١، ٢/ ١٦١ منه.