للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار (١)». وبقوله - صلى الله عليه وسلم-: «إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (٢)». وبقوله - صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي (٣)».

إن الرفاعي والبوطي يدعوان إلى ترك ذلك كله، والأخذ بما عليه الفرق الضالة المنحرفة التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة (٤)»، وهذه الواحدة هي الفرقة المتمسكة. بما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بخلاف غيرها من قبورية وصوفية وجهمية ومعتزلة وغيرها. وهذا الافتراق هو الذي سبب التناحر والشقاق بين الأمة.

والبوطي والرفاعي يريدان للأمة البقاء على هذا الافتراق تحت مظلة اسم الإسلام. إنني تذكرت بتآمرهما هذا على من تمسك بالسنة وترك البدعة قول الشاعر:

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل فعل منكر

وبقيت في خلف يزكي بعضهم ... بعضا ليدفع معور عن معور

وأقول: لماذا خصا علماء نجد بنصيحتهما هذه مع أن المتمسكين بالسنة والحمد لله كثيرون في أقطار الأرض وفي مختلف البلاد، ما ذاك إلا ليوهما الأغرار أن أهل نجد أهل شذوذ وخروج عن الحق، على قاعدة من يرى أن كل متمسك بالحق فهو متطرف.


(١) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٦)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٧)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٦)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).
(٢) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٧١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).
(٣) سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٧٥)، سنن أبو داود السنة (٤٧٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٥)، موطأ مالك الجامع (١٦٦١).
(٤) سنن الترمذي الإيمان (٢٦٤١).