للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن هذا لا يضير، فالحق واضح يراه كل بصير، وأما الأعمى فلا حيلة فيه كما قال الشاعر:

وقل للعيون الرمد للشمس أعين ... سواك تراها في مغيب ومطلع

وسامح عيونا أطفأ الله نورها ... بأهوائها فلا تفيق ولا تعي

وقال الآخر:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم

وإذا كانا يغاران على الأمة الإسلامية - كما زعما - فلماذا لا يحذرانها من البدع والانحرافات التي تفرقها وتصدها عن سبيل الله وتقضي على وحدتها وقوتها.

وخذ مثلا من عجرفة هذا البوطي في مقدمته لتلك النصيحة لتستدل به على مبلغ ما عنده من العلم؛ حيث قال في صفحة ١٩ - ٢٠ يخاطب علماء نجد: " وإذا لأقلعتم عن ترديد تلك الكلمة التي تظنونها نصيحة وهي باطل من القول، وتحسبونها أمرا هينا وهي عند الله عظيم، ألا وهي قولكم للحجيج في كثير من المناسبات: إياكم والغلو في محبة رسول الله، ولو قلتم كما قال رسول الله: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم (١)» لكان كلاما مقبولا، ولكان نصيحة غالية ".

هذا كلامه بنصه، وقد بخل فيه أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما ذكره، وعاب على أهل السنة إنكارهم للغلو الذي أنكره الله بقوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} (٢).

وأنكره النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «وإياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو (٣)». ثم ما الفرق بين الغلو والإطراء الذي نهى عنه رسول الله


(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦).
(٢) سورة النساء الآية ١٧١
(٣) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٥٧).