للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان فلا يجوز لنا وهذا هو المشهور من مذهب ابن القاسم.

وذهب قوم إلى أن المراد بلفظ الطعام ذبائحهم جميعا إلا ما حرم الله عليهم خاصة لا ما حرموه على أنفسهم وعلى نحو هذا ذهب أشهب والذين قالوا إن الله يجوز لنا أكل ما لا يجوز لهم أكله اختلفوا هل ذلك على جهة المنع أو الكراهة وهذا الخلاف كله موجود في المذهب.

واختلف أيضا فيما ذبحوه لأعيادهم وكنائسهم أو سموا عليه اسم المسيح هل هو داخل تحت الإباحة أم لا؟ فذهب أشهب إلى أن الآية متضمنة تحليله وأن أكله جائز وكرهه مالك -رحمه الله- وتأول قوله تعالى {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (١) على ذلك.

والذين أوتوا الكتاب اختلف العلماء في الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى من هم؟ وقد اختلف في المجوس والصابئة والسامرة هل هم ممن أوتي كتابا أم لا. وعلى هذا يختلف في ذبائحهم ومناكحتهم أ. هـ ملخصا، وفي كتاب أحكام القرآن للقاضي أبي بكر ابن العربي المالكي في تفسير هذه الآية أيضا ما نصه: هذا دليل قاطع على أن الصيد {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (٢) من الطيبات التي أباحها الله وهو الحلال المطلق وإنما كرره الله تعالى ليرفع به الشكوك ويزيل الاعتراضات عن الخواطر الفاسدة التي توجب الاعتراضات وتخرج إلى تطويل القول. ولقد سئلت عن النصراني يفتل عنق الدجاجة ثم يطبخها هل تؤكل معه أم تؤخذ منه طعاما- وهي المسألة الثامنة - فقلت: تؤكل لأنها طعامه وطعام أحباره ورهبانه، وإن لم تكن هذه ذكاة عندنا. ولكن أباح لنا طعامهم مطلقا وكل ما يرونه في دينهم فإنه حلال لنا إلا ما كذبهم الله فيه، ولقد قال علماؤنا: إنهم يعطوننا نساءهم أزواجا فيحل لنا وطؤهن فكيف لا تؤكل ذبائحهم والأكل دون الوطء في الحل والحرمة أ. هـ. وفيما قاله القاضي نوع من التقييد والتشديد إذا اعتبر في طعامهم ما يأكله أحبارهم ورهبانهم، وهذا ما اعتمده الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده مفتي مصر في فتواه الترنسفاليه.

وقد أفتى المهدي الوزاني من علماء فاس بمثل ما أفتى به مفتي مصر، ولما علم بمشاغبة أهل الأهواء في فتوى مفتي مصر كتب رسالة في تأييد الفتوى بنصوص كتب المالكية المعتبرة نشرناها في آخر جزء من مجلد المنار السادس ومنها قوله ج.

والدليل على صحة ما قاله الإمام ابن العربي ما ذكره العلماء فيما ذبحه أهل الكتاب للصنم فإنه حرام مع المنخنقة وما عطف عليها وقيدوه بما لم يأكلوه وإلا كان حلالا لنا. قال الشيخ بناني على قول المختصر " وذبح لصنم" ما نصه: الظاهر أن المراد بالصنم كل ما عبدوه من دون الله -سبحانه وتعالى- بحيث يشمل الصنم والصليب وغيرهما، وأن هذا شرط في أكل ذبيحة الكتابي كما في التتائي والزرقاني


(١) سورة الأنعام الآية ١٤٥
(٢) سورة المائدة الآية ٥