للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تخريج المناط ويمكن حصر آرائهم في ثلاثة أقوال.

* * *

الأول:

يتلخص القول الأول في أن علة الربا في النقدين الوزن لقوله صلى الله عليه وسلم «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن (١)». ولقوله: «الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل (٢)» وقوله: «ما وزن مثلا بمثل (٣)» وقوله: «بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا، (٤)» وقال في الميزان مثل ذلك (٥) فجعل ضابط ما يجري فيه الربا وتجب فيه المماثلة الوزن في الموزونات، وطرد أصحاب هذا القول القاعدة في جريان الربا في كل ما يوزن كالحديد والنحاس والرصاص والصفر والصوف والقطن والكتان، وهذا القول هو المشهور عن الإمام أحمد وهو قول النخعي والزهري والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي، ويمكن أن يورد على هذا القول ما يلي:

أ - الوزن وصف طردي محض لا مناسبة فيه (٦).

ب - العلماء متفقون على جواز إسلام النقدين في الموزنات وهذا بيع موزون بموزون إلى أجل وفي جواز ذلك نقد للعلة.

جـ - أن حكمة تحريم الربا ليست مقصورة على ما يوزن، بل هي متعدية إلى غيره مما يعد ثمنا ولا يتعامل به وزنا كالفلوس والورق النقدي فإن الظلم المراعى إبعاده في تحريم الربا في النقدين واقع في التعامل بالورق النقدي وبشكل واضح في غالبه تتضاءل معه صورة الظلم الواقع في التعامل بالذهب والفضة متفاضلا في الجنس أو نسيئة في الجنسين نظرا لارتفاع القيمة الثمنية في بعضها كفئات المائة ريال والألف دولار.

* * *

الثاني

ويتلخص هذا القول في أن علة الربا في النقدين غلبت الثمنية، وهذا القول هو المشهور عن الإمامين مالك والشافعي، فالعلة عندهما قاصرة على الذهب والفضة، والقول بغلبة الثمنية احتراز عن الفلوس إذا راجت رواج النقدين، فالثمنية طارئة عليها فلا ربا فيها، ويمكن أن يورد على هذا الرأي ما يلي: -


(١) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
(٢) أخرجه أحمد والنسائي ومسلم.
(٣) رواه الدارقطني.
(٤) صحيح البخاري البيوع (٢٢٠٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٣)، سنن النسائي البيوع (٤٥٥٣)، موطأ مالك البيوع (١٣١٤).
(٥) صحيح البخاري.
(٦) انظر الجزء الثاني ص ١٣٧ من إعلام الموقعين.